نمو مابعد الصدمة

اليوم في آخر سبتمبر، وهو الشهر الذي خصصته لراحتي السنوية، فهو أول أشهر الخريف الجميل، وقبله كان العمل في الصناعة مجهدا لجميع الميك اب ارتست 

احرص على التأمل، والتنظيف، والتفكر فيما سأكونه خلال الثلاثة اشهر الاخيرة من العام 

اليوم حديثي معك مختلف، بما اني هذه الفترة أقرأ في الطب الشعوري والنفسي، وأسقطه على ماحصل معي وقد تكونين معرضة له 

هناك مايسمى باضطراب مابعد الصدمة، دارج في أوساط الناس، ونجد من يتحدث عنه بإسهاب، 

غير أن هناك مصطلح مضاد يسمى: نمو مابعد الصدمة، عن نفسي لم أسمع به قبل قراءة هذه الكتب التي بين يدي الان، ولكني عشتها كمرحلة فارقة في حياتي، ودائما أوجه عميلاتي في الاستشارات لهذا النوع من النمو وإن كنت لم أعرف مسماه من قبل 

كيف نحول المصيبة لهبة، وكيف تكون الفوضى التي عشناها هي رسالتنا التي نساعد من خلالها الغير 

كنت في سباق محموم مع السوق، كل نجاح لم أكن أمهل نفسي لأتذوقه حتى اركض لأحقق نجاحا آخر 

لكن مع كل نجاح كنت افقد جزءا من هويتي، وأشعر بفقدان المعنى، وضبابية الحياة، أحاول اقناع نفسي أني سعيدة وأن هذه الحياة التي أريد فقط لأن المجتمع والصناعة أخبروني بذلك 

أسست علامة تجارية لمستحضرات التجميل في افضل مصانع ايطاليا، صنعت من كل منتج الاف القطع لأني أثق بما صنعت وكيف سيحدث فرقا في السوق بمجرد طرحها، وفي سهولة استخدام مجتمعنا للمكياج .

ثم جاء العام العجيب 2020  ليتوقف عملي كميك اب ارتست مع توقف العالم، 

ولتصل بضاعتي مطار الرياض في هذا الوقت الحرج 

ولأعلم أن مولودي الأحب لديه مشاكل خلقية وبحاجة لجراحة عاجلة 

باختصار : ثلاثة أشهر مرت دون عمل حتى اصبح عداد حسابي متجها للسالب، تخليت عن الكثير من رفاهياتي لأعيد ترتيب الأولويات، ابنتي التوحدية أخرجتها من مركز التدريب الممتاز ذو الرسوم العالية لأعلمها بنفسي في المنزل 

ثم بحثت عن شريك لتسويق علامتي للمستحضرات، الذي سرق كامل البضاعة وبعقود موثقة كانت تحميه لا تحميني 

ثم تمت عملية ابني بنجاح مع الكثير من الخوف والترقب لنتائج مابعد العملية التي قد تمتد لسنوات ( فأحمد الله على فضله وكرمه ) ولعل هذه المصيبة التي لطف بها الله هي ماجعلني أقارن باقي الخسارات بها لأشعر أنها أبسط بكثير من عافية طفلي

لكن مازال في قلبي غصة ليس على خساراتي المالية الكبيرة، بل على عمر ضاع مني مقابل هذه الأموال التي خسرتها بلمح البصر 

تذكرت كل مرة سافرت فيها للمواعيد وتركت صغيراتي في المنزل قد تكون احداهن متعبة،

 تذكرت المرات التي غالبت فيها نفسي لأعطي من محبة كامل طاقتي في عملي وأنا مبتسمة، بينما كنت أنهار في الداخل.

كل المناسبات العائلية، كل المتع، كل الجهد الذي قدمته حتى ابني لي اسماً، ثم أضع كل مواردي في علامة جمالية تخدم مجتمعنا ليست سوى سراب تبخر في ظروف عالمية وشخصية تزامنت لدي بشكل استثنائي.

قادتني الأقدار لدخول سباق في مضمار يعلم دروسا ثقيلة لم أخترها، لكني أعطيتها حقها من نفسي، لأني أعلم أن الله إذا كلف أعان 

كان طريق العودة طويلا، لكني تعلمت الكثير عن نفسي خلال تلك التجارب، عرفت ماكنت مستعدة للتخلي عنه، وماكان مهما بالنسبة لي، بدأت أرى وأشعر بالمعنى الذي فقدته سابقا رغم النجاح المادي في ظاهره.

عرفت كيف أواجه التحديات، وهل كنت احولها لصالحي إيجابا ام جعلتها تثبط عزيمتي 

( من لطائف الله سمعت سيدة في تلك الظروف تقول: كله خير وماتشاؤون الا أن يشاء الله ، كانت بلسما لقلبي وجعلتها شعارا لمرحلتي )

الفشل ياصديقتي نقطة بيانات، تبنين عليها القادم الجميل وتعدلين المسار، سننجو من الفشل لنذهب للنجاح، وكلما تغلبنا عليه بإصرار، أصبح تجاوزه على الطريق أسهل، مرارا وتكرارا 

أتذكر اني عندما سقطت أياما في حفرة اليأس تذكرت العديد من نقاط بيانات الفشل في ذاكرتي والتي تجاوزتها، بحثت عن حكمة الله فيما فعل، وسرت طريقا جديدا أبحث فيه عن كل ما أدى لفشلي السابق وكيف اصححه وكيف اتجنبه، ثم كيف أساعد غيري في طريقهم، 

هل كان الثمن يستحق؟ 

نعم استحق كل دقيقة ألم، كل لحظة شك، كل خوف من مجهول، وكل حسرة على فقد، 

لأن النمو مابعد الصدمة، أكبر بكثير منها، هي القوة الدافعة لمسار أعظم، ومعنى أوسع

ولأن ربي لطيف حكيم