استراتيجيّة البراند
تسويق
|
18 Jul 2025
الوجه المظلم لمهنة التجميل والأناقة
بداية سأنتقل بك أيتها القارئة الكريمة، بفلاش باك لبداياتي في هذا العمل الذي بدأته بدافع عاطفي بحت، قررت دخوله ولم يكن في تقديري أن أصل لأي ربح، أو أصنع أي اسم، كان فقط محاولة مني لعيش المتعة في العمل الفني الابداعي، ومخالطة الناس،
الذين قررت العزلة عنهم لسنوات منذ بداية رحلتي مع ابنتي في علاج التوحد
كان لدي دخل جانبي آخر لكريمات وخلطات العناية الطبيعية لعلي أحدثك عنها لاحقا، إنما المكياج كان مجرد صلاة تأملية توقف هدير أفكاري المؤلمة وتنقلني للانغماس التام بلحظة صناعة الجمال على لوحات ربانية بعيدا عن واقعي المرهق.
شيئا فشيئا قدر لي النجاح، لأسباب كثيرة لعل أبرزها هو أن (تريند الخبيرات السعوديات) كان في بدايته فحملني السوق معهن
وثانيها هو شجاعتي في إبراز رؤيتي الخاصة للجمال الأنيق، النظيف، البسيط وأعتقد أن أول من قدم اسلوب ( No-makeup makeup ) في السوق السعودي والخليجي عامة كان أنا، في وقت سيطر فيه نمط مختلف جذريا عما اقدم في السوق
كما ذكرت لم يكن لدي غاية ولا هدف، حتى أصبحت خلال أشهر : مقدمة الخدمة الأعلى أجرا في السوق، حجوزاتي تبدأ من التاسعة صباحا، والعرائس يسألن عن مواعيدي المتاحة لحجزها قبل أن يعتمدن تواريخ أعراسهن،
نظرا لهذا الضغط العجيب، وشعور النجاح المريب الذي أفقدني توازني، والمردود المالي الممتاز، قررت أن أوقف مشروعي الآخر في العناية الطبيعية ( لم أكن أعلم أن قراري كان فخا سأندم عليه )
مرت قرابة السنتين بعدها حتى دخلت أسماء منافسة، وتوزعت الكعكعة، أو هكذا اعتقدت، عندما انخفض الطلب،
أصبحت اتواصل مع الخبيرات السابقات من جيلي لأجد نفس المشكلة، والحل لدى الجميع هو حل الأمس: زيادة الظهور، وضخ المزيد من الصور،
وأي صور؟؟ هي صور لما يريده الجمهور او نعتقد انه يريده، أعمال مقلدة من بعضنا البعض، تفتقد لروح الابداع التي بدأناها بها، وللعجب مازال الطلب في تدهور
غيري قد يكون استسلم، أو اقتنع بضخ المزيد في المنافسة،
لكني كنت أرى العشوائية التامة في هذا القطاع، ألا يمكن لصالون أو خبيرة أن يكون لها تدفق مالي منتظم واضح؟
نعم نحن نحب صناعتنا
نحب رؤية انعكاس الفرح في أعين العروسات
ونحب تفاصيل اللمسات الأخيرة التي تغير إحساس المرأة بنفسها وتجعلها أكثر ثقة في مظهرها
لكن خلف هذا الشغف:
قلق مالي كبير، هل سنغطي التزاماتنا؟
هل سيكون دخلنا لهذا الشهر أفضل أم أقل من الشهر الماضي؟
هل سنضطر لخفض أسعارنا فقط لنضمن عدد عملاء أكثر؟
هل هذه الحرية المالية التي نبحث عنها؟
ونتيجة لذلك ينطفيء الشغف، ويختنق الابداع، حين لم نعد نشعر بالأمان المالي:
تحول شغفنا إلى عبء، نكرر انفسنا في الستايل لأننا نضمنه، نقلد بدل الابتكار ، ونؤدي خدماتنا بدافع الخوف بدل الحب كما بدأناه
أعرف أن الكثيرات في قطاعنا يعشن هذا الألم يوميا
بدأت أعي أن الموهبة وحدها لاتكفي، والاتقان وحده ليس ضمانا للاستقرار
وأن الجلوس وانتظار العميلات يتواصلن برسالة حجز ليست استراتيجية بل استنزاف بطيء
لذلك قررت أحد السنوات التوقف، والبحث عن هيكلية واضحة تنظم عملي ليصبح فعلا بزنس وليس هواية، فموهبة المكياج وكل موهبة جمالية او بصرية تستحق أكثر من الحظ
فالركض خلف الشغف فقط، والتغذي على التقدير اللحظي بينما هناك ثغرة مالية تزداد اتساعا لا نراها الا متأخرا هي خطة المبدعين المفلسين، وأرفض أن أكون من هذا الفريق
التذبذب المالي ليس عرضا طبيعيا للمهنة ولا قدرا لها ، بل نتيجة لغياب النظام، والادارة المالية العشوائية، وقصور الرؤية
تأخرت كثيرا في فهم هذا، لكني سعيت لحله، لأجلي وأجلك، طورت نظام العمل بالكامل، لأني لا أريد لأي خبيرة موهوبة حقا أن تنتظر نصيبها من السوق وكأنها بلا خيار، بل تكون هي المبادرة لتبني عملا احترافيا يصمدفي ثلاثة اختبارات ستمر جميع المشاريع بها لامحالة:
عند اختبار السوق،
وعند اختبار العملاء،
وعند اختبار المنافسين،
وقد وضعت الحل في (الكوتشينج للخبيرات وبناء العلامة الشخصية)، (الصالونات: البراند والأنظمة والخدمات)
أعلم ان الكثير من المبدعين لديهم جانب جهل او اخفاق في الأمور المادية، مثل التخطيط المالي، دراسة السوق، بناء العلامة الشخصية، وغيرها من الأعمال التي يعتبرونها مملة او غير مهمة فالشغف هو الأهم
بينما واقع الأعمال التجارية يخبرنا بالفرق الكبير بين ممارسة الموهبة والتربح اللحظي منها، وبين استغلال الموهبة لنصبح الاعظم في مجالنا، وقادة صناعتنا، ونبني دخلا مستداما قد يكون لأجيال خاصة في اتجاه بوصلة الجمال العالمية لمنطقة الخليج، ووجود كل مايدعم وكل مايلزم لتحقيق تحول حقيقي لموهبتك ويجعلها في الصدارة