استراتيجيّة البراند
|
31 Aug 2024
قوة القيم في العلامة الشخصية والتجارية
العاصفة التي جعلت نايكي أقوى
في عام 2016 ركع اللاعب الذي حقق ارقاما قياسية "كولن كايبرنيك " أثناء عزف النشيد الوطني الامريكي احتجاجا على عنصرية الشرطة في أمريكا،
كان رد الفعل ضده عنيفا، طرد من الفريق، ولم يعد للدوري الامريكي حتى اليوم
بعد ذلك جعلته الشركة الشهيرة" نايكي" وجها لحملتها الاعلانية : آمن بشيء ، حتى لو كلفك كل شيء
كان اختيارها له تحديا لقيم السوق، واصطداما مباشرا مع جدلية الربح والخسارة، كان اختبارا حقيقيا للأصالة وقوة القيم، والقدرة على الثبات أمام العواصف
مافعله اللاعب " كعلامة شخصية " ومافعلته الشركة " كعلامة تجارية" كان موقفا لا قرارا تسويقيا
فالقرار يجلب العملاء، أما الموقف فيجذب المؤمنين
القرار قد يكون صوابا في لحظته وظروفه، أما الموقف فهو الصواب حتى لو لم يكن شائعا وتمت مناهضته
القرار يسأل : كم سنربح؟
بينما الموقف يسأل : من نحن؟
في عالم استهلاكي تلهث فيه الشركات خلف الأرقام وزيادة المبيعات
وقفت نايكي وقالت:
نحن أكثر من مجرد علامة تجارية، نحن فكرة، نحن رسالة
حين انطلقت الحملة، لم يكن الترحيب شاملًا. البعض أحرق أحذيته، آخرون دعوا لمقاطعة نايكي، والمحللون تساءلوا: هل كان هذا خطأً فادحًا؟ لكن ما حدث كان عكس التوقعات تمامًا:
ارتفعت مبيعات نايكي عبر الإنترنت بنسبة 31%.
زادت قيمة العلامة التجارية بـ 6 مليارات دولار.
وصل سهم نايكي إلى مستويات قياسية جديدة.
في النهاية، من كان يحرق منتجات نايكي، كان قد اشتراها بالفعل. أما من آمن برسالتها، فقد ازداد ولاؤه، ونايكي لم تربح زبائن، بل كسبت حركة، كسبت مناصرين، كسبت هوية لا يمكن شراؤها بالمال.
أما اللاعب كولن، على الرغم من توقف مسيرته الرياضية، الا ان ذلك لم يثبط عزيمته، استمر في الدفاع عن حقوق السود، وتلقى الدعم الوطني ممثلا برئيسه آنذاك: باراك اوباما، وكذلك العالمي،
أسس منظمة: اعرف حقوقك، وأصبح مؤلفا وروائيا لأكثر الكتب مبيعا في نيويورك تايمز، كما تم اختياره كمواطن العام، وفاز بجائزة محمد علي كلاي للإرث، وجائزة المحامي الشجاع من اتحاد الحريات المدنية وغير ذلك من جوائز وأعمال.
الأصالة ليست استراتيجية، بل جوهر الوجود
في عالم التسويق، الأصالة أصبحت سلعة، شيء يُباع ويُشترى، لكن الحقيقة مختلفة تمامًا. الأصالة ليست تكتيكًا، بل هي أن تكون نفسك دون خوف، دون تزييف، دون محاولة لإرضاء الجميع.
العلامات التجارية العظيمة لا تنجح لأنها تبحث عن الصيحة التالية، بل لأنها تفهم من هي، وتظل وفيّة لذلك. نايكي وكولن لم يسألوا: "كيف نحصل على إعجاب الجميع؟" بل سألوا: "ماذا نمثّل؟ وما الذي لن نتنازل عنه؟"
وهذا هو جوهر النجاح الحقيقي: أن تكون نفسك، بلا خوف، بلا اعتذار، حتى لو كلفك كل شيء.